الأربعاء

الرد على افتراءات جلال الوزير الواردة في مقالته التي نشرها موقع (العراق فوق الخط الأحمر)

أبناء الجنوب روافد إنسانية لا تنضب

وأبناء الرافدين نجوم متلألئة في كل العصور


الرد على افتراءات جلال الوزير الواردة في مقالته التي نشرها

موقع (العراق فوق الخط الأحمر)
وحملت كل الأحقاد التي تعفنت منذ زمن بعيد في النفوس المريضة
المتحاملة على أبناء الجنوب

جريدة المستقبل العراقية / بغداد / في 9/1/2012


كاظم فنجان الحمامي

تتواصل حملات تشويه صورة الشعب العراقي عبر كل الوسائل الرخيصة, وتتصاعد معها موجات الحقد والكراهية ضد كل من ينتمي إلى العراق. كان آخرها الحملة التي شنها علينا المدعو (أ. د. جلال الوزير) في مقالته اليتيمة المتكررة, التي نشرها قبل بضعة أعوام على موقع (كتابات), ثم عاد لينشرها من جديد في بداية الأسبوع الأول من عام 2012 على صفحات موقع (العراق فوق الخط الأحمر), بعنوان: (تعرف على الشروﮒ). الأمر الذي يستدعي الانتباه إلى لعبة التنافر العرقي الطائفي, التي تمارسها ضدنا اليوم هذه الأقلام المختبئة تحت غطاء مصطنع يتظاهر بالموضوعية التاريخية. .
مما لا ريب فيه ان مثل هذه المقالات المنبعثة من مزابل التعفن الفكري تحفزنا على ضرورة التسلح بقدر كبير من التمحيص والذكاء في التعامل مع الطوفان الإعلامي الخبيث, الذي تنفثه النفوس المريضة, وتفرزه العقول المغرضة من حين لآخر، ليس فقط من أجل تمييز الصواب من الخطأ, ولا من اجل تمييز الكذب من الصدق، ولكن لتجنب حالة خطيرة قد يستدرج إليها المواطن البسيط لمنزلقات عنصرية تهدف إلى تكريس الفرقة والتشرذم.
لقد كان (جلال الوزير) صريحا في عدوانيته, ممعنا في اختيار مفردات التهكم وعبارات السخرية, منزعجا من أصالة جنوبنا الضاربة في أعماق التاريخ, متجاهلا تاريخ السلالات البشرية التي صنعت فردوس عدن جنوب العراق, متغافلا عن قدسية الجنوب, الذي تشرف بمهبط سيدنا آدم في القرنة الجنوبية, ومولد سيدنا إبراهيم في (أور), وإقلاع سفينة سيدنا نوح من (الكوفة), ومتجاهلا الشعب الذي سطر ملحمة جلجامش في الجنوب, وحكايات عشتار وتموز وانكيدو, ودوّن شرائع حمورابي. .

لقد تجاهل محطات شامخة تربعت ردحا من الزمان فوق متن التاريخ, مازالت معالمها تحمل السمات الجنوبية السومرية البابلية الاكدية في الوركاء ولكش ولارسا. .
حضارات سادت وما زالت تعتز بسيادتها, فهي التي علمت الناس الكتابة والتدوين والتعامل التجاري, وعلمتهم علوم الفلك والرياضيات والطب والهندسة والملاحة في عرض البحار. فقد كان المربد ديوان الشعر العربي ولسانه الناطق بالبلاغة وفنون الأدب, وكان الخليل بن احمد الفراهيدي البصري قاموس العرب وأول من ضبط إيقاعات الكلام الموزون.

في جنوب العراق تربى الحريري, وكتب مقاماته في ذاكرة الطين والماء, وفي الجنوب تألق الأصمعي, والجاحظ, ومحمد بن سيرين, ومالك بن دينار, ومالك بن الريب, وواصل بن عطاء, والحسن بن الهيثم, ودعبل الخزاعي, وعتبة بن غزوان, والواسطي. ليس فيهم لاري ولا هندي ولا بلوجستاني. فهل كان بدر شاكر السياب, سيد الشعر العربي الحديث بلوشيا ؟. وهل كان محمد سعيد الحبوبي, شاعر الفقهاء وفقية الشعراء باكستانيا ؟. وهل كانت لميعة عباس عمارة سريلانكية ؟. وهل كان عبد الرزاق عبد الواحد أفغانيا ؟. وهل كان العالم الفيزيائي الكبير عبد الجبار عبد الله, ابن (قلعة صالح) مغوليا ؟, مع خالص احترامنا واعتزازنا بكل الأقوام والسلالات البشرية التي خدمت الإنسانية ولم تعتد على بقية الشعوب, فخير الناس من نفع الناس, ولا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى, ثم ما هذه الحجة الواهية التي استند عليها (جلال الوزير), بقوله أن أغنية (عبرت الشط على مودك), التي كتبها (عزيز الرسام) سجلت هجرة قبائل (اللر) من جبال (لرستان) إلى بطائح العراق. ويبدو واضحا ان (جلال الوزير) لم يقرأ مذكرات الزعيم العربي وقائد الثورة المصرية (احمد عرابي), التي يتفاخر فيها بانتسابه إلى بطائح جنوب العراق, قائلا (( أنا احمد عرابي بن سيد صالح البلاس من بطائح جنوب العراق)). وكيف اقتنع (جلال الوزير) بان فن الابوذية مقتبس من الأغاني الهندية والطقوس الوثنية ؟. ولولا عناية الله لقال (الوزير) أن (الشروﮒ) ينتسبون إلى قبائل (الشروكي) من قبائل الهنود الحمر, ثم ما علاقة النبرة الحزينة في الأغاني العاطفية في الاستدلال على السلالة التي ينتمي إليها المطرب ؟, فمعظم الأغاني العربية في تونس ومصر وليبيا والجزائر تحمل بصمات الألم ولوعة الفراق. فهل يعني ذلك أنهم ينحدرون من أصول افريقية نيجيرية ويعانون من اضطهاد الرق والعبودية ؟؟, اما بخصوص العبارات الجنوبية الدارجة, من مثل (جا). التي يستخدمها أهل الجنوب بكثرة، فيقولون: (ﭽـا شلون ؟ ) بمعنى كيف اذن، (ﭽـا شفت شلون؟ ) بمعنى هل رأيت كيف؟، و ( ﭽـا ليش ؟ ) بمعنى لماذا اذن؟ ، وتأتي كأداة ربط يصعب ترجمتها حرفيا مثل (ﭽـا شمدريني ) و (ﭽـا وينك) وهكذا, وهذه الكلمة مقتصرة على العراقيين فقط وأصلها من ( كا ) او ( قا ) الآرامية. وهي بنفس المعنى. تحولت الكاف الى ﭽـ ch . مثلما تحولت كلمة كلب الى ﭽـلب, و كف الى ﭽـف وهكذا. وهنالك أمثلة كثيرة على رواسب اللغات العراقية القديمة في اللهجات الدارجة. ونشرت المراكز العلمية العراقية عدة بحوث حول المفردات السومرية والبابلية الشائعة, اما أسماء أبناء الجنوب فلا تختلف عن أسماء معظم أبناء الوطن العربي. فالكلب في التراث الإنساني يرمز الى الوفاء. ولا ضير من تسمية (جلوب) فهناك قبيلة معروفة من قبائلنا العربية تدعى (بني كلب). قال جرير:

فغض الطرف انك من نمير
فلا كعبا بلغت ولا كلابا

ومن غير المعقول ان يتوصل الإنسان العاقل إلى استنتاجات تاريخية استنادا على تسميات أبناء الريف إلا إذا كان يضمر لهم الحقد والكراهية, أو مصابا بلوثة دماغية أفقدته صوابه, لكن المثير للغرابة في مقالة) جلال الوزير) تصنيفه لأبناء الجنوب بأسلوب مبتكر يتنافى مع علم (أصل الأنواع), وعلم الوراثة. فقد توصل (جلال الوزير) إلى بعض الصفات الوراثية لأبناء الجنوب تميزهم عن بقية خلق الله. وزعم انهم يتصفون بقصر القامة, وتفلطح القدم, والسمرة الداكنة. وتحدث عنهم بأسلوب يفصح عن روح التهكم, ويعبر عن نزق الترف الارستقراطي, ويعكس روح التعالي والغطرسة التي رافقته في جميع استنتاجاته الساذجة وأفكاره البليدة. ولا ندري كيف استطاع ابن محافظة (ميسان ), الرياضي الدولي (علي الكيار) ان يحرز لقب بطولة العالم في جمال الأجسام ورشاقة الأبدان ؟؟. وكيف استطاع الرباع الدولي عبد الواحد عزيز, وهو من أبناء البصرة, الحصول على الوسام الاولمبي العراقي الوحيد في رفع الأثقال ؟؟. وكيف استطاع السباح الدولي (عبد الرضا محيبس) أن يتفوق على أبطال قارة آسيا في السباحة الحرة. والحديث طويل عن هيثم عبد السادة وزبرج سبتي وهادي احمد وعلاء احمد ورحيم كريم وعادل خضير وكريم علاوي وحسن كاظم وفالح حسن ونزار عبد الزهرة وحمزة قاسم وكاظم وعل وعبد المهدي هادي وعبد الرزاق احمد . . الخ, ولا ننسى أبطال المنتخب الوطني لكرة القدم, الذين فازوا بكأس آسيا. ورفعوا راية العراق فوق النجوم, ومعظمهم من جنوبنا الحبيب. . فهل كانت أقدام هؤلاء الأبطال مفلطحة ؟؟. أم ان دماغ (جلال الوزير بلا وزارة) هو المفلطح والمسطح والخاوي الأجوف.
لقد ركب (الوزير) الموجة المعادية لأبناء العراق. وراح يخلط الأوراق, ويزيف الحقائق, ويمعن في إيذائهم, وتشويه صورتهم العربية المشرقة.

ليس هنالك مقاطعة واحدة في الوطن العربي كله ينتسب أهلها إلى القبائل العربية القحطانية والعدنانية العريقة كما هو الحال في جنوب العراق. عندنا في الجنوب يتفاخر الناس بقبائلهم العربية, التي مازالت تحمل الأسماء العريقة نفسها منذ صدر الإسلام وحتى يومنا هذا. نذكر منها قبائل طي, وبني لام, وتميم, وبني أسد, وزبيد, وربيعة, وخفاجة, وبني هاشم, وبني زيد, وبني مالك, وشمر, والنجادة, والشريفات, والزهير, والحلاف, والبيضان, والبو عبود, والبو محمد من زبيد, والمياح, والقطران, والعيدان, وعنزة, والغزي, والسعدون, والشويلات, وبني ساعدة (السواعد), والسعد, وبني سكين, وإعبودة, والبو صالح, والدواسر, والفريجات, والنصار, والقناص, وبني كعب, والمحيسن, والغنام, والظوالم, وآل فتلة, والخوام, وقريش, والجبور, وآل بو سعد, والنواشي, وبني سعيد, والغانم, وبني وائل, والسواري, وبني سالة, والخزاعل, والبهادل, وبني حجيم, وحجام, والفرطوس, وآل جويبر, وعبادة, والعكيل, والشاوي, ومذحج, والازارقة, والبو دراج, وغيرهم كثير, ونسأل الكاتب اللاوزير, هل يعرف شيئا عن طبيعة وعادات أبناء العشائر الجنوبية ؟. وهل سمع بشجاعتهم وبسالتهم وكرمهم ؟. وهي الصفات الأصيلة للعرب الاقحاح, وهل سمع بنخوة اخوة علية, واخوة فاطمة, وإخوة باشه, وإخوة سعدة, وإخوة كوشه, وإخوة مايعة, وإخوة فدعه. فهل كانت مايعة وكوشه وسعدة وفدعه وعلية أصفهانيات ؟؟, ثم ماذا سيقول (جلال الوزير) للقبائل العربية التي تقطن الأحواز, وهور الفلاحية والتي تطالب الآن باسترداد عروبتها ؟؟, إذا كان ينظر إلى أبناء بغداد والبصرة وذي قار وميسان بهذه النظرة الاستعلائية المريضة, فعلى الرغم من الويلات والنكبات والأحزان والآلام والدمار والتخريب والإرهاب والقتل العمد الذي نواجهه كل يوم, نرى وللأسف الشديد أن الكثير من الأقلام قد تخلت عن إنسانيتها ودينها وعروبتها, حتى انجرفت مع المخططات الخبيثة, وجندت جيوشها لكي تصبح أداة من أدوات الحرب والصراع والهيمنة والترويج للفوضى والتحريض وبث السموم وزرع الفتن وتزييف الحقائق وصب الزيت على النار وإرهاب الناس وتغييبهم ومصادرة حقوقهم, إلى أن تحامتنا الفضائيات كلها. .
تتراوح مواقف المعادين للعراق بين شامت وساخر, ومحرض وكاذب, ومتباكي ومتشفي, يبدو أن ثمة تنوعا كبيرا في الكتابات المسمومة, تستمد مدادها من مخططات معادية مدروسة تهدف إلى زعزعة ثقتنا بأنفسنا، كما لو كان ثمة مصدر واحد يحركها في الخفاء، فالمقالات التحريضية يجري انتقاؤها من الإطار المرجعي الأمريكي الإعلامي, أو من البيئة الحاقدة المجاورة للعراق. قد يختلف الأسلوب والتعبير المجازي لكن الجوهر واحد. وصرنا كالجبل الشامخ الذي تدكدك ثم مال بجمعه في البحر فاجتمعت عليه الأبحر. .
لله درك يا عراق كم ستتحمل من هجمات الأعداء وتآمرهم عليك في الداخل والخارج. . .
لكننا نرجع لنؤكد مرة أخرى أن أبناء العراق كلهم ملحٌ للمتعفنين في مزابل الحقد والكراهية, ويبقى العراق شوكة في عيون الضفادع الوقحة الكامنة في مستنقعات اللؤم .

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة